قوله تعالى: (سنعذبهم مرتين...)
وأما الآية الثانية فهي ما ذكره الله تبارك وتعالى في سورة التوبة في قوله عز وجل: (( سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ))[التوبة:101]، يخبر تعالى عن المنافقين وما توعدهم به من العذاب قائلاً: (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) ومعنى ذلك أن العذاب العظيم الذي يردون إليه هو ما يكون يوم القيامة في النار، وأما قبل ذلك فقد جعل الله تبارك وتعالى لهم عقوبتين وعذابين، وفسرهما الحسن البصري رحمه الله بأنهما عذاب القبر وعذاب الدنيا، فأما عذاب الدنيا فمعلوم، كما في قوله تعالى: (( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ))[التوبة:55]، فعذاب الدنيا هم معذبون فيه، نسأل الله العفو والعافية. فالمنافقون معذبون في الدنيا بالأموال والأولاد، فما بالك بعذابهم بما ينالهم من المؤمنين من تقريع وإهانة وزجر، وما ينالهم من لوم وتعنيف حتى من أقرب أقربائهم؟! حيث كان الابن من المؤمنين يعنف أباه، والزوجة تعنف زوجها، وهكذا، فالمنافق معذب في الدنيا، ولا سيما المخصوصين الذين عناهم الله تبارك وتعالى في هذه الآية، فقد نالوا عذاب الدنيا، والعذاب الثاني هو عذاب القبر، وهذا أيضاً وعيد لهم بذلك، والعذاب الثالث المتوعد به الموصوف بأنه عظيم لأنه أدهى وأمر وأشد يكون يوم القيامة.